responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 15  صفحة : 438
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ مَعْنَى (إذا) هاهنا لِلْمُفَاجَأَةِ، كَقَوْلِكَ خَرَجْتُ فَإِذَا زَيْدٌ وَإِذَا فِي قَوْلِهِ: إِذا مَسَّهُمْ يَسْتَدْعِي جَزَاءً، كَقَوْلِكَ آتِيكَ إِذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْكِنَايَةَ فِي قَوْلِهِ: وَإِخْوانُهُمْ إِلَى مَاذَا تَعُودُ عَلَى قَوْلَيْنِ.
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى: وَإِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ يَمُدُّونَ الشَّيَاطِينَ فِي الْغَيِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ إِخْوَانٌ لِشَيَاطِينِ الْجِنِّ، فَشَيَاطِينُ الْإِنْسِ يُغْوُونَ النَّاسَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ إِمْدَادًا مِنْهُمْ لِشَيَاطِينِ الْجِنِّ عَلَى الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ هُمُ النَّاسُ الَّذِينَ لَيْسُوا بِمُتَّقِينَ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ يَكُونُونَ مَدَدًا لَهُمْ فِيهِ، وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ كَافِرٍ أَخًا مِنَ الشَّيَاطِينِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَفْسِيرُ الْإِمْدَادِ تَقْوِيَةُ تِلْكَ الْوَسْوَسَةِ وَالْإِقَامَةُ عَلَيْهَا وَشَغْلُ النَّفْسِ عَنِ الْوُقُوفِ عَلَى قَبَائِحِهَا وَمَعَايِبِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ نَافِعٌ يَمُدُّونَهُمْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْإِمْدَادِ، وَالْبَاقُونَ يَمُدُّونَهُمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ، وَهُمَا لُغَتَانِ مَدَّ يَمُدُّ وَأَمَدَّ يُمِدُّ، وَقِيلَ مَدَّ مَعْنَاهُ جَذَبَ، وَأَمَدَّ مَعْنَاهُ مِنَ الْإِمْدَادِ. / قَالَ الْوَاحِدِيُّ، عَامَّةُ مَا جَاءَ فِي التَّنْزِيلِ مِمَّا يُحْمَدُ وَيُسْتَحَبُّ أَمْدَدْتُ عَلَى أَفْعَلْتُ، كَقَوْلِهِ: أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ [الْمُؤْمِنُونَ: 55] وَقَوْلِهِ: وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ [الطور: 22] وقوله: أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ [النَّمْلِ: 36] وَمَا كَانَ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ يَجِيءُ عَلَى مَدَدْتُ قَالَ: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [البقرة: 15] فالوجه هاهنا قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ وَهِيَ فَتْحُ الْيَاءِ وَمَنْ ضَمَّ الْيَاءَ اسْتَعْمَلَ مَا هُوَ الْخَيْرُ لِضِدِّهِ كَقَوْلِهِ: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [الانشقاق: 24] وَقَوْلِهِ: ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ قَالَ اللَّيْثُ: الْإِقْصَارُ الْكَفُّ عَنِ الشَّيْءِ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَقْصَرَ فُلَانٌ عَنِ الشَّرِّ يُقْصِرُ إِقْصَارًا إِذَا كَفَّ عَنْهُ وَانْتَهَى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ عَنِ الضَّلَالِ، وَالْإِضْلَالِ، أَمَّا الْغَاوِي فَفِي الضلال وأما المغوي ففي الإضلال.

[سورة الأعراف (7) : آية 203]
وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى: لَمَّا بَيَّنَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ شَيَاطِينَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَا يُقْصِرُونَ فِي الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ وَهُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ آيَاتٍ مُعَيَّنَةً وَمُعْجِزَاتٍ مَخْصُوصَةً عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ كَقَوْلِهِ: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً [الْإِسْرَاءِ: 90] ثُمَّ أَعَادَ: أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا كَانَ يَأْتِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا: لَوْلا اجْتَبَيْتَها قَالَ الْفَرَّاءُ: تَقُولُ الْعَرَبُ اجْتَبَيْتُ الْكَلَامَ وَاخْتَلَقْتُهُ وَارْتَجَلْتُهُ إِذَا افْتَعَلْتَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ، وَالْمَعْنَى لَوْلَا تَقَوَّلْتَهَا وَافْتَعَلْتَهَا وَجِئْتَ بِهَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً [سَبَأٍ: 43] أَوْ يُقَالُ هَلَّا اقْتَرَحْتَهَا عَلَى إِلَهِكَ وَمَعْبُودِكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي أَنَّ اللَّه يَقْبَلُ دُعَاءَكَ وَيُجِيبُ الْتِمَاسَكَ وَعِنْدَ هَذَا أَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يَذْكُرَ الْجَوَابَ الشَّافِيَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي وَمَعْنَاهُ لَيْسَ لِي أَنْ أَقْتَرِحَ عَلَى رَبِّي فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَإِنَّمَا أَنْتَظِرُ الْوَحْيَ فَكُلُّ شَيْءٍ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 15  صفحة : 438
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست